سعدت بلقاء مؤلف رواية “جسر على وادي الموت” الأستاذ “إدريس النعيمي” في الثالث من إبريل 2021 ويمكنكم الاستماع إلى الحلقة هنا على بودكاست “كتب نادية توفيق”. وكذلك على قناتي اليوتيوبية إن كنتم تفضلون المشاهدة.

يمزج “النعيمي” بين أصوله المغربية العربية، ملتقى الحضارات، مع تعليم عال في الجامعات المصرية وتحضيره رسالة عن بلاد نهر النيل لنيل شهادة الإجازة. كما أن تدريسه لمادة التاريخ مع موهبته الأدبية جعلته يجد ضالته في ذلك الجنس الأدبي المميز: رواية التاريخ أو مسرحة التاريخ.

وجد “النعيمي” في الصياغة الأدبية ملاذا من جفاف مادة التاريخ. فالإنسان حيوان قاص. كما قال أستاذ الأدب الإنجليزي Jonathan Gottschall في كتابه The Storytelling Animal: How Stories Make Us Human أو “الحيوان القاص: كيف جعلتنا القصص بشرا”. حيث أننا قد جبلنا على الاستجابة للحدوتة.

رواية تاريخية

ما أحوج مكتبتنا العربية إلى روايات تاريخية من نوعية هذه الرواية بقلم أستاذ التاريخ المغربي “إدريس النعيمي”. تنتمي الرواية إلى ثلاثة أجناس تتبين في حبكة الرواية وأسلوب سردها والمغزى الذي قد يصل إليه القاريء بعد إتمام القراءة.

هي رواية تاريخية تتطرق إلى حدث فاصل في تاريخ المغرب العربي في عهد السعديين وهي معركة “وادي المخازن” حين التقت فيها جيوش ثلاثة ملوك وتداخلت فيها المصالح المتضاربة داخل الأسر الحاكمة وأحلام وآمال الكثيرين ما بين مسلمين ونصارى وفرسان وتجار وأسرى ومدافعين عن الحرية.

التاريخ 1578 والمكان مدينة “أصيلة” المغربية والبطل “حمزة” وقريته “قرية الجبل”. رواية يمتزج فيها التاريخ، الذي عني كاتبه بتأصيله والاستوثاق من حوادثه، والسرد الروائي الذي يجمع خيوط حبكة معقدة تدور أحداثها داخل فترة مضطربة من تاريخ المغرب كما وصفها “النعيمي”.

لقد حددت الحملات الصليبية ملامح العلاقة بين الشرق والغرب لقرون عدة. وكانت في أساسها رحلات حج كان يطلق عليها في ذلك الزمان “رحلات عبر البحار”. وكانت تتم بقرار من البابا لدرجة أن أحد البابوات وهو “الكسندر السادس” قد أصدر مرسوما بابويا، عُرف باللاتنية باسم Inter caetera، قسّم العالم فيه إلى فسطاطين. حظت فيه “أسبانيا” بالعالم الجديد، ووقعت “إفريقيا” من حظ “البرتغال”.

هذه الرواية تقدم لنا فصلا من توزيع المغنم العالمي بقيادة الكنيسة الكاثوليكية في ذلك الزمان. وأرض الفصل هي أرض المغرب وبالتحديد مدينتي “أصيلة” و”فاس”. فهي تحكي عن الحملة الصليبية التي تم التجهيز لها للسيطرة على المدائن المغربية، والتي كان من المخطط لها أن تكون نصرا ساحقا لملك البرتغال “سباستيان”. وقد قدم معه من الألمان والإسبان والإنجليز “ممن استجابوا لنداء البابا كانوا تجارا ومغامرين لا هم لهم إلا الطمع في الغنائم.” أما البرتغاليين فقد وصفهم الكاتب على لسان “القس كونسطاجيو” :

“لم يكن من بين سكان لشبونة من ليست له حاجة في نفسه من وراء هاته الحرب، فمن لم يكن له فيها ولد فله أب، ومن لم يكن له فيها زوج فلها أخ مشارك،كما أن أغلب التجار الذين لم يكن لهم أقارب في هذه الحرب،كان لهم غرماء من جنود ونبلاء، توجهوا إلى الحرب طمعا في كسب الربح والتمكن من تسديد الديون.”

المحور التاريخي الثاني في الرواية يخص الأندلس والموريسكيين الذين حكموها لقرون وقد فقدوا حكمهم لها وتم إجبارهم بمرسوم ملكي على التحول إلى الكاثوليكية أو الرحيل، ثم صدرأخيرا القرار الموسوم بـ”طرد الموريسكيين” الذي قضى بنفي جميع الموريسكيين من الأندلس. لذا فإن تيمة الترحال حاضرة وبقوة في الرواية.

الأندلس حية في الذاكرة الجمعية العربية وكذلك في الذاكرة الجمعية الناطقة بالإسبانية خاصة في تاريخ أسبانيا بل في تاريخ أوروبا كلها، حيث أسهمت الأندلس في تحفيز حصول النهضة أو “الروناسينس”، وبالتحديد فكر “ابن رشد” الذي يحتفي به الفكر الأوروبي كأحد أبرز المؤسسين للفكر الغربي الحديث. وأذكر هنا في عجالة مقولة “أمين معلوف” التي أترجمها عن الفرنسية “ابن رشد شخصية بارزة للغاية بما أنه أحد المؤسسين الذين أدوا إلى ظهور المجتمعات العلمانية. إنه ابن الحضارة الإسلامية ونتيجة التزاوج بينها وبين الحضارة الإغريقية، وفي نفس الوقت هو أب لغربٍ معين. لذا فمن المهم العثور في ماضيه عما يؤسس للحداثة.”

الأندلس في رأيي هو نقطة التقاء قوية بين الثقافة العربية والثقافة الأوروبية وهي لها أكبر الفضل في أفكار أوروبا التنويرية في القرون اللاحقة على القرون الوسطى. ونحن نرى ملامح سريعة لأهل الأندلس المطرودين من وطنهم في رواية “جسر على وادي الموت”، حيث نجد أن شخصيات كثيرة يُكتب عليها الرحيل والترحال بل والمنفى.

هناك أيضا إشارة قوية للترحال إلى العالم الجديد. حيث إن بطل الرواية “حمزة” ومن قبله أبوه يقع أسيرا لدى البرتغاليين. ويسعى حمزة في البحث عنه. ثم يسمع أنه ربما قد اقتيد إلى العالم الجديد كي يخدم في مستعمرات البرتغاليين.

وتستعرض الرواية شخصية أخرى تعاني نفس المصير. وهي شخصية “ابن شرف الأشبيلي” الذي يُجبر على الرحيل إلى العالم الجديد حيث تخبر جارية ابنته “شمس الضحى” بمصيره قائلة:

“إنهم ياخذون الرجال الذين سيعينونهم على أمور الزراعة واستخراج الكنوز من تلك البلاد الغنية. وبما أن والدك موريسكيا، سيحتاجه القوم للاشتغال في أمور الري وشق الترع التي تبرعون فيها أنتم يا أهل الأندلس.”

الرواية تحمل لنا إذن إرهاصات استكشاف قارة أمريكا في العالم الجديد. وهي حالة من المنفى القسري خلقتها حركة الاستكشاف الأولى التي قادها البرتغال والإسبان. وتبعت تأسيس المستعمرات الأوروبية في العالم الجديد بجنوبه وشماله.

ويبدو أنه كان من المعتاد وقتها اختطاف الناس أو إجبار الأسرى على ترك أوطانهم والعمل المضني في تطوير المستعمرات الناشئة. بل أحيانا كانت تحدث مقايضة الحياة بجهد السواعد. حيث يُحمل المحكوم عليهم بالإعدام أو بعقوبات كبيرة إلى المستعمرات عوض تنفيذ تلك الأحكام.

وخصوصا أن الجارية تضيف فيما بعد:

“لعلك تعلمين أن أسيادنا لا يقتلون الأسرى، فما أحوجنا لسواعدهم لتسيير تلك المستعمرات الممتدة في كل أرجاء العالم قديما وحديثا.”

لقد عُنيت رواية”جسر على وادي الموت” بالبحث التاريخي الرصين لدرجة إسقاط الحائط الرابع في بعض مواضعها. مثلا حين التحدث عن حال القشتاليين من غير الكاثوليك تحت ظل محاكم التفتيش في التقدمة لشخصية “ابن شرف” والد “شمس الضحى” الهارب من اضطهاد “إيزابلا” و”فرديناند”. وذلك لتوضيح ما تعرض له الموريسكيون والعربوفون من اضطهاد وإصدار القوانين الخاصة بحتمية أن يصبح الجميع كاثوليك وإلا يتركوا البلد.

الرواية تحكي قصة حب بين “حمزة” و”شمس الضحى”، ابنة “ابن شرف الأشبيلي”، الأندلسية المطاردة بعد نفيها قسرا من وطنها. إلا أنها لا تحتل مكان الصدارة في الرواية لأن البطل هو معركة “وادي المخازن” أو “معركة الملوك الثلاثة” التي دارت رحاها في الرابع من أغسطس من عام 1578. ويتم تأطير قصة الحب هذه داخل حدث الأسر والنفي أولا من الأندلس وإدراك “حمزة” لبعض الحقائق الخاصة بهذا الأمر ثم الحرب حين يلتقي الحبيبان مرة ثانية.

والاثنان يضحيان بمآربهما الشخصية في سبيل قضية الوطن الكبرى. فـ”حمزة” يضطر لأن يتركها تلبية لنداء يحمله على البحث عن أبيه ثم التواصل مع جيوش الملوك المقاومين للغزو الصليبي. وحتى “شمس الضحى” تطلب منه الاهتمام بقضيته والتصدي للغزاة عوض الانشغال عن تخليصها هي. وذلك يُعتبر تضحية من قِبَلها.

لحظات وصف الحب قليلة في الرواية. منها ما فكر به حمزة حين رأى أثناء المعركة وجها يشبه وجه “شمس الضحى”:

“أوليس قديما قد قيل إن بين الحب والحرب حرف يفرق وغايات تُقضى ومصير تصنعه إرادة العاشقين أو صلابة المتحاربين.”

وهي صورة تستدعي مقولة “عنترة بن شداد” المذكورة في الرواية في موضع آخر:

“ولقد ذكرتك والرماح نواهل وبيض الهند تقطر من دمي. فودتت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم.”

ربما كان المقصود من قصة الحب هذه أن تكون رمزية للدلالة على ضياع الأندلس و”وقوعها في أسر قشتالة” مثلا. وربما كانت رمزا لإعادة وصل ما انقطع مع الأندلس من خلال حب “حمزة” المغربي للقشتالية “شمس الضحى”. وبناء عليه يمكن القول إنه اتحاد رمزي بين الأندلس التي ضاعت من أيدي الموريسكيين والمغرب موطنهم الأصلي.

رواية طورية

يمكن تصنيف رواية “جسر على وادي الموت” على أنها رواية “التحول من طور إلى آخر” أو ما يُسمى بالفرنسية “Le roman initiatique” وبالإنجليزية  “A coming-of-age story” حيث أن البطل “حمزة” هو شاب في ريعان الصبا ابن قرية الجبل المهددة دائما “بشبح النهر” أو الغريب الغازي الذي يهدد أمنها. وتصاحب “حمزة” نبوءة يطلقها “سيدي الشريف” الولي الصالح، حيث يلتقي “حمزة” قدره الذي يوجه مساره ويخرجه من طور الطفولة إلى طور الرجولة. يسير على خطى أبيه الغائب، بل يحقق ما لم يقدر أبوه على تحقيقه. يتحول “حمزة” أمام أعيننا من مجرد فتى طيب يحب أسرته وأهله إلى بطل ملحمي يدافع عن قريته ويسعى للم شتات أسرته الذي تمزق بسبب الحرب والأسْر، ثم إلى بطل قومي حين ينضم إلى صفوف جيش السلطان السعدي “عبد المالك المعتصم” وينخرط في الحرب المقاومة لغزوة “دوم سباستيان” الشهيرة على سواحل المغرب، ويكون لاقتراحه بنسف الجسر، الذي يقع على أطراف بلدة “حمزة”، أبلغ الأثر في الهزيمة التي ستلحق بالبرتغاليين.

حمزة نفسه يتتبع خطى قدره ويبحث عن تتمة لهذه النبوءة حين يقول الرواي بلسان حال”حمزة”:

“إن في نهاية هذا النهر قدر حمزة. كانت هذه النبوءة بمثابة صرخة أطلقها شيخ جليل من على برجه العالي دون أن يزيد على قولته تلك أية تفاصيل وكأن حمزة قد آمن يقينا بأن للكلمة سحر ما. قصة قد تكون نهايتها مجد للفتى. فما عليه إلا أن ينسج باقي تفاصيلها المبهمة.”

شخصيات الرواية في مجملها تدور في فلك شخصية “حمزة”. ومعظم الشخصيات ذات الدور البارز في الأحداث تنتمي إلى فئة “الداعمين” أو les adjuvants، أما “المناوؤون” أو “العوازل”، بالتعبير المصري الدارج، فنحن نسمع عنهم ولا نسمع منهم. يعني مثلا لا نحضر لقاءا في معسكر العدو ولو أن الراوي يخبرنا في مواضع كثيرة بنواياهم وما يفعلون.

هذا الراوي omnipresent وهو موجود في رأس كل الشخصيات ويعرف كل شيء لدرجة أنه أحيانا يعبر الزمن إلى المستقبل كي يخبرنا بنهاية حدث ما ربما لن تكفي الفترة الزمنية للرواية لحكيه أو كي يخبرنا بما آلت إليه الأمور في المستقبل.

وأكاد أقول إن الراوي يجسد صوت التاريخ كما أراد الكاتب أن ينقله إلى قرائه.

رواية تعليمية

الجانب التعليمي أو ما يُعرف بالفرنسية بـ le style didactique حاضر في الرواية. ولا عجب إذ أن كاتبها أستاذ للتاريخ والجغرافيا في “سطات”. وله خبرة في مجال الكتابة المدرسية، حيث يقدم مشاهد من تاريخ المغرب لطلابه على هيئة نصوص مسرح دراسي. وقد قرأت له مسرحية مدرسية استخدم فيها l’allégorie أو المجاز، وجعل شخصيات المسرحية ممثلة لشريحة كبيرة كي يوصل الفكرة في شكل قصصي حواري يسهل على الطلبة استيعابه.

وقد وجدت نفس التكنيك في روايته هذه. فقد رسم “النعيمي” ببراعة شخصيات تمثل مجموعات بعينها مثل “ابن شرف الأشبيلي” الذي يمثل الموريسكيين المطرودين من ديارهم والذين تم اختطافهم وإجبارهم على السفر إلى مستعمرات العالم الجديد. ومثل “حمزة” نفسه الذي يمثل الأبطال المجهولين الذين لم يأت ذكرهم في كتب التاريخ. حيث يعتبر “النعيمي” أن دوره ككاتب تاريخ أن ينير على بطولاتهم وإنجازاتهم التي ساهمت في الانتصارات التي تُنسب إلى القادة والملوك. إنهم ذلك “الجندي المجهول” الذي نصنع له تذكارا اليوم في مياديننا.

رواية “جسر على وادي الموت” قد تذكرنا بنمط الروايات التاريخية التعليمية التي عُني “جورجي زيدان”، مؤسس مجلة “الهلال” الرصينة، بكتابتها لتقديم التاريخ إلى محبي الرواية. إلا أن رواية “النعيمي” تتميز بما قد يكون قد افتقرت إليه روايات “زيدان” وهو العناية بالدقة التاريخية. إلا أن الكاتبين قد يشتركا في القيام بسرد أحداث تاريخية مهمة في شكل قصصي جذاب وفي ذات الوقت نقل رسالة تربوية.

لقد اتفق معي كاتب الرواية خلال لقائنا في أن روايته تهدف، من بين ما تهدف إليه، إلى التحفيز على حب الوطن والإخلاص له. وهو يقول في الرواية تدليلا على ذلك: “وقد كانت تلك القباب القرميدية ذات السقف الأخضر حيث يرقد سلطان الأدارسة مكانا لإصدار الفتوى التي تحرض على نصرة الملة والوطن، كمنارة اشتعلت بالخطب النارية تلعن تارة، وتدعو تارة أخرى.”

روايته تمجد أبطال الوطن البسطاء الذين غُيبت أسماؤهم عن ذاكرة شعبهم الجمعية. وقد رأيت أن الرواية تحاول رفع الغشاوة عنهم وإعادة ذكراهم إلى مكانها الصحيح وإن كان بشكل رمزي. حيث يقول:

 “سيموت كثيرون من قرية الجبل، ومثلهم مثل عباس، أناس بسطاء، دافعوا عن وطنهم بكل كبرياء، ولو أن الوطن عندهم يختزل في القرية التي ولدوا فيها.

ولو أن بموتهم لن يذكرهم أحد، بل ستروى بطولاتهم على ألسنة جيرانهم لمدة من زمن النصر، ولما يفارق فيها هؤلاء الجيران الحياة، حينئئذ تنسى ذكراهم إلى الأبد.”

وكذلك تتخذ الرواية موقفا حازما من خيانة الوطن. “فلا طعم مر أكثر من خيانة الوطن.” يمكن للشخص أن يواجه عدوه وأن يحترمه، حتى وإن كان عدوا لدودا، إلا انه لا يمكن أن يحترم الخائن مهما كانت دوافعه. فكل من الحليف والعدو يحتقران الخائن.

وقد حدد الراوي مصير الخائن كما يلي:

“الموت شنقا

الإعدام حرقا

أو سيقضون غرقا.”

وحتى لو غفر لهم فهناك عقاب مجتمعهم وناسهم “فما سيقض مضجعهم هي تلك النظرات التي سيرمقون بها، وذاك التبرؤ منهم الذي سينالوه من كل ذويهم ، حتى آباءهم وأمهاتهم وإخوتهم.”

خيانة الوطن جريمة عظمى ولا توبة بعدها. وقد ذكرني ذلك بما أتى في أدبيات القرون الوسطى عن الفرسان. فإن le chevalier أو الفارس، الذي كان عماد المعارك في الحروب الصليبية، الذي يخون أي بند من بنود قَسَمِه العشرة، فإنه يُحمل على محفة بعد أن يُنزع عنه رداؤه العسكري ويؤخذ منه سيفه ويرتدي الكفن وتقوم الكنيسة بإعلان موته ويُنفى في الأرض ويتجنبه الناس ويُعتبر ميتا في نظر الكنيسة ولا توبة له. ويعيش مجللا بالعار باقي عمره بلا غفران عما اقترفته يداه من خيانة.

وفي مشهد أجده مؤثرا للغاية يقرر المغاربة المنتصرون دفن شهداء وقتلى المعركة دون تمييز إتقاء لأي اضطهاد ديني قد يحدث لهم بعد موتهم.

“بعدها دفن الموتى من كلا الجانبين ، المغاربة والنصارى الذين جمع الكثير منهم في قبر واحد لكثرتهم، سويت قبورهم على سطح الأرض، ولم توضع لقبورهم شواهد، وذلك حتى لا يتم نبشهم من المتعصبين ، أو من طرف أقرباء الأهالي الذين قضوا في المعركة من المجاورين للنهر وقاطني التلال القريبة.”

إنه مشهد يعكس رفضا لكل أشكال التمييز الديني. وقد اتفق معي “النعيمي” أنها قيمة هدف إلى تضمينها روايته. وقد اتفق معي “النعيمي” كذلك أن للرواية التاريخية دورا في زرع قيم وطنية معينة كحفظ ذاكرة الشعب أو تصحيح وتفسير بعض المفاهيم عن هويته. وتؤدي الرواية التاريخية دورا في تعرفة الناشئة بتاريخهم، خاصة في المناهج الدراسية.

“جسر على وادي الموت” رواية مكتوبة بعناية يغلب فيها التاريخ على السرد لكنه سرد رشيق شيق، لغته سهلة ممتنعة وتصلح لكل الأعمار.

Facebook Comments