لسة الحبر منشفش. تعثرت في نصيحة من نوعية حذاري أن تكتب ‘بالعامية’ أيها الكاتب اللوذعي وإلا أقمنا عليك حد الاعتداء على ‘الفصحى’. وكان لي هذا الرد:
في جميع لغات العالم يملك الكاتب حرية اختيار الألفاظ والتعبيرات والتراكيب الأصلح لعمله الأدبي. باعتباري كاتبة مصرية أرفض هذه الوصاية على حرية إبداعي. وبالنسبة لهجاء اللغة المصرية الحديثة يكفي أن تكتب بنفس الطريقة في الكتاب كله. كما أن ما أسميته أنت العامية كان وسيلتك الأنجع التي لجأت لها لتوصيل أفكارك إلينا. أي كاتب يحتقر لغته الأم التي يتواصل بها مع أقرب الناس إليه ويعبر من خلالها عن مكنونات قلبه ومشاعره هو كاتب غير صادق فيما يطرحه. وفي النهاية الكتاب لا بد أن تتناغم مكوناته الأساسية ومن بينها اللغة وهي مثل الوصفة السحرية لا يمكن أن نضع لها حدودا عقيمة. أنتم تقتلون اللغة العربية زي ما قلت بالضبط في منشور ليا النهاردة.
في الآداب العالمية تثار نقطة اللغة كثيرا في الأعمال الأدبية، لكن هذا الكم من التحقير للغة التي يتكلم بها الناس لا أجد له مثيلا في مجتمعات الكتاب بالإنجليزية ولا الفرنسية، رغم شكوى كتاب الفرنسية الدائم من سوء مستوى الكاتبات الأدبية الحالية. لدينا أزمة كبيرة أظن أنها ستخلق حالة من الانعزالية الزمنية سنجبر عليها قراءنا.
هذا عدا الإحساس العبيط بالذنب وكأن اللغة العربية مصنوعة من بلور إن لم نحرص عليها ستنكسر. وعدم اعترافنا بازدواجية التعبير لدينا وإصرارنا على الفصل الدائم بين طريقتين في التعبير وعدم بحثنا عن أرض مشتركة لن يكون في صالحنا.
وأحد الأدلة على انهيار التعبير بالعربية القياسية هو لجوء كثير من الكتاب الجدد للغة نتفليكس. نعم، هم يستعيرون أنماطا من التعبيرات والمواقف من بيئات غير عربية، ويخلقون منها روايات تعجب آلاف وربما ملايين القراء. لماذا؟ هربا من كل هذه القيود التي تؤبد اللغة العربية في ثلاجة الحفظ اللازمني!
Facebook Comments