قصيدة النثر poème en prose أو الشعر المنثور هي، كما يدل اسمها، قصيدة تدمج الشعر مع النثر معاً. فبرغم المكانة التي تفرد بها الشعر على مدى قرون، تمكن النثر من اختراق أوزانه وتفعيلاته وخلق لنفسه ذلك اللون من ألوان الأدب الحديث.

ظهر هذا الفن الحداثي تأثراً بالأدب الفرنسي الذي عرف هذا اللون منذ حقبة بودلير (1821-1867). وبالفعل فقد نقل الشاعر أدونيس (1930) هذا المصطلح، مصطلح “قصيدة النثر”، في مجلة “شعر” اللبنانية عام 1960 مسترشداً برأي الناقدة الفرنسية “سوزان برنار” Suzanne Bernard في أطروحتها “قصيدة النثر من بودلير حتى أيامنا” Le Poème en prose de Baudelaire jusqu’à nos jours.

تتميز قصيدة النثر بالتحرر من نظام العروض والبنية الصوتية التقليدية للشعر. فهي بلا قوافي ولا أوزان. إلا أنها تحمل إيقاعا خاصا بها وموضوعاتها حرة، وقد تتضمن سردا ذا حبكة كاملة أو جزئية. لكنها لا تخرج كثيرا عن إطار موضوعات الشعر التعبيرية. وتلتزم بموضوع واحد في أغلب الأحيان. لكنها متحررة من أغراض الشعر التقليدية ومن الحدود الفاصلة بين الشعر والنثر وتمنح الشاعر قدرة على الإبداع بل والتمرد. لذلك فهي معنية بالدرجة الأولى بتجربة الشاعر الداخلية. كما أن لقصيدة النثر لغتها الخاصة المتحررة من القيود النحوية والصور التقليدية والقوالب الفكرية الكلاسيكية.

من بين رواد هذا اللون، كما سلف، “أدونيس” الذي درس هذا الفن من خلال الأدب الفرنسي. ومن أبرز أعماله ترجمته لقصائد “سان-جون برس” Saint-John Perse النثرية ونقله ذلك الفن إلى العربية.

 

وهذا مقطع من قصيدة نثرية لـ”سان-جون برس” من ترجمة “أدونيس”:

هكذا تقلد، أيها البحر، مديحا بلا إهانة.

هكذا كن الضيف الذي يليق به أن يخفي امتيازه.

ولن يكون كلام على البحر ذاته، بل على سيادته في قلب الإنسان.

كم يحسن، في التماس الأمير، أن نضع العاج أو حجر اليَشب

بين الوجه السيد والمديح المداهن.

 

Facebook Comments