فيه كاتب معروف عبر عن كراهته واحتقاره للنساء في منشور له رأيته بالصدفة، وجعلني أتراجع عن متابعة ما يقوله على صفحته.

كراهة النساء والتنمر عليهن ووضع حدود همايونية لهن هي ظاهرة معروفة لدى بعض الكتاب في العالم كله، وليس كتاب العربية فقط.

وأنا شخصيا أقاطع أي كاتب يعبر عن تلك الآراء بوضوح. واعتبره يعاني من خلل كبير كإنسان. ولو أن البعض يذهب إلى أنه يمكن قراءة الكتب دون الاهتمام بمن يكون كاتبها. ففي النهاية نحن بشر وكل منا له شخصيته وقناعاته وانحيازاته.

ربما كان هذا صحيحا في زمن ماض، أما اليوم مع وجود الكاتب على أطراف أصابعنا، ومع علنية ظهور الكتاب وآرائهم على السوشيال ميديا، أصبحت ترى الكثير من حياتهم الخاصة وقناعاتهم وما يهتمون له. بل إن الكتاب يطلقون النكات، ويتفاعلون مع الأحداث الجارية، ويعلقون على الترندات. مما يجعل شعبيتهم تتأثر سلبا أو إيجابا بتلك المنشورات.

بالنسبة لي، هناك ملايين الكتب التي يمكنني قراءتها وبعدة لغات. فإلغاء كاتب ما من قائمة قراءاتي لن يحرمني من متعة القراءة حتى وإن كانت كتب ذلك الكاتب من عيون الأدب.

فالكاتب الذي لا يحترم المرأة لا بد وأن له ضحايا في الحياة الواقعية بشكل مباشر أو غير مباشر. ولا يستحق أن تقرأ له امرأة مثلي. إذا كان يعتبرنا أدنى درجة بسبب النوع وينكر علينا حقنا الإنساني في الحياة، فهو وكلماته كلها تعتبر عدما بالنسبة لي. فخياله الذي دفعه إلى الكتابة ‘متورط’ معه في نفس جريمة الميزوجينية البغيضة. ونتاج هذا الخيال لا يستحق الوقت والجهد الذين سأكرسهما لقراءة كتابه.

عدا عن ذلك، فالكاتب، عن دراية أو لا، يهين كل قارئات كتبه بما يعرضه من آراء تعبر عن كراهة لهن وتسفيه لدورهن في الحياة. فهل يعيش مثل ذلك الكاتب في عالم خالٍ من النساء؟ بطبيعة الحال لا. والأرجح أن محيطه كله مشبع بتلك الأفكار، وأن النساء المقربات منه يحملن نفس الفكر أو هن ضحايا له. وهذا سينعكس على رسالته التي يهدف إلى تضمينها كتبه. وبالتالي ستفسد هذه الرسالة أو ستشوه بسبب هذا الفكر.

وإن ذهبنا إلى أن شخصيات الروايات تعبر عن نفسها وليس عن شخصية الكاتب، فلا ننسى أن النماذج التي سيهتم الكاتب بإبرازها في كتبه ستحمل نفس الرسالة المسمومة بشكل ما، حتى وإن كان ذلك على نطاق ضيق.

صحيح أن لدى بعض الكتاب القدرة على رسم شخصيات وتقديم حبكات بعيدة كل البعد عنهم وعن حياتهم وأفكارهم، ولكن في حالة الكاتب الميزوجيني ستجد السم دائما موجودا ولو بنسب ضئيلة. وهذا خاضع بطبيعة الحال إلى تقييمك الشخصي.

Facebook Comments