اليوم قرأت نصيحة من أحدهم إلى الآباء المتأخرين في دفع نفقة أبنائهم بأن يدفعوها تجنبا لدخول السجن. إلى هنا النصيحة طيبة ولا بأس بها، ولكن الناصح أكمل يقول، عليك أن ترفع قضية نفقة أقارب بمجرد أن يصل أبناؤك إلى السن القانونية، وأن تسترد منهم كل الأموال التي دفعتها لهم.
هذه النصيحة أصابتني بالذهول والتعجب. فحقوق الأبناء على الآباء هي حقوق شرعية وقانونية لا مراء فيها، والتهرب من الإنفاق على الأبناء أصبح كالحرفة يحترفها كثير من الآباء، وهم لا يستطيعون أن يفرقوا بين نهاية علاقتهم الزوجية بالأم وعلاقتهم بأبنائهم.
علاقة الأب بأبنائه ليست مرتبطة بالضرورة بزواجه من أمهم، بل إن واجبه نحوهم يزداد تعقيدا ويصبح من البديهيات والأولويات بعد الطلاق.
وكلنا سمعنا عن الطفلة المتفوقة التي تعيش في ظروف صعبة مع أمها لأن والدها تركهم بدون نفقات وبدون أن يسال عنهم منذ سنوات. وأهل والدها جردوا بيتهم من العفش، وتركوهم يسكنون على البلاط. والبنت، رغم كل هذا، تفوقت. وقد لفتت قصتها رئيس الجمهورية وأوصى بأن ترعاها الدولة عن طريق برنامج حياة كريمة. أتمنى أن توقظ قصتها ضمائر آباء آخرين تركوا أبنائهم دون رعاية. والرعاية هنا لا تقتصر على المال. الرعاية المعنوية والارشاد والحماية والتوجيه والحب أهم كثيراً من الإنفاق. وما يضيع من عمر طفلك دون أن تعيشه معه هو شيء لن يعوضك عنه مال ولا جاه الدنيا.

Facebook Comments