أسماء وأسئلة: إعداد وتقديم : رضوان بن شيكار
تقف هذه السلسلة من الحوارات كل أسبوع مع مبدع أو فنان أو فاعل في احدى المجالات الحيوية في أسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد إنتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الأسبوع الكاتبة المصرية نادية توفيق
(1) كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
أنا خريجة كلية الصيدلة وأحمل شهادة الدكتوراه في الأدب الفرنسي. كاتبة مصرية أقيم حالياً في الخارج. لي مجموعة قصصية بعنوان “أجنحة متكسرة” ورواية بعنوان “نساء المحروسة”.
(2) ماذا تقرأين الآن وما هو أجمل كتاب قرأته؟
أقرأ في العادة كتابين في ذات الوقت، أحدهما روائي والآخر في موضوع ما. علاوة على قراءتي لأعمال الكتاب الذين أستضيفهم في بودكاست كتب نادية توفيق. وحاليًا أقرأ عن القتلة السايكوباتيين من خلال رواية “عن الانتقام” للكاتبة “جيه دي كورتنس”، وكتاب بعنوان “وشوشة السايكوباتي. علم من لا يملكون ضميرًا” من تأليف طبيب نفسي عمل في السجون شديدة الحراسة في كندا يُدعى “كنت كيل”.
ليس هناك أجمل كتاب قرأناه في المطلق. لكن هناك كتب نقرأها وتؤثر فينا في العمق على مدى عمرنا. أستطيع أن أقول عما أثر فيّ من خلال آخر قرآتي وهو كتاب “شرارة الإبداع” عن دور الإبداع في تطورنا كأجناس بشرية من خلال وجهة نظر علم الأنثروبولوجيا، وهو أحد العلوم التي صارت تبهرني.
(3) متى بدأت الكتابة ولماذا تكتبين؟
بدأت الكتابة منذ الصغر كي أعبر عن نفسي. وكنت أحب حصة التعبير في المدرسة رغم التقيد بشروط معينة للكتابة. وأنا أكتب لأنها وسيلة تعبير تتجاوز حدودنا القاصرة كبشر وحدود إمكانياتنا اليومية، لأنها وسيلة تحليق خارج حدود الزمان والمكان. وأخيرًا أكتب كي أوصل رسالة وأدلو بدلوي فيما يهمني من قضايا.
(4) ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين الى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
الإسكندرية والقاهرة لكن في حقبتيّ الأربعينيات والخمسينيات. كانت مدننا مزدهرة ونظيفة وشاسعة. المصريون استقبلوا على أرضهم وقتها كل باحث عن الحياة الآمنة. أود لو استطعت التمشية في شوارع هاتين المدينتين والاقتراب من حياة أهلهما.
(5) هل أنت راضية على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
نعم، الحمد لله. ما نشرته يعبر عن حقبة مررت بها في الكتابة. وأظن أنها كانت بداية جيدة لي. لا أجيد التحدث عن أعمالي قبل أن ترى النور. لكنني أعيد النظر الآن في خطة النشر لأعمالي القادمة بناء على الخبرة البسيطة التي راكمتها خلال السنتين الماضيتين.
(6) متى ستحرقين أوراقك الإبداعية وتعتزلين الكتابة بشكل نهائي؟
لن يحدث ذلك بإرادة مني. لأن الكتابة لصيقة بي وبشخصيتي وأسلوب حياتي. كما أن الإبداع حياة بحد ذاته، وهو أيضًا إثراء للحياة خارج حدودها المادية المباشرة.
(7) ما هو العمل الذي تتمنين أن تكوني كاتبته وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
هو دائماً العمل القادم لي. يكفيني أن أجلس في مكان مريح في بيتي وأن أنقر على أي جهاز. كما أنني أكتب أيضا وأنا في حالة سفر. الأماكن الجديدة وحركة السفر تستفزني وتحثني على الكتابة.
(8) هل للمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
بالتأكيد للمثقف دور فاعل في المنظومة الاجتماعية. لذلك ستجد أن كثيرًا من السلطات السياسية توجه بعض المثقفين لإحداث تغيير في الرأي العام. بعض المثقفين انعزاليون، أو كما أسميهم عاجيون، يفضلون أبراجهم العاجية على الانخراط في الحياة العامة. أحيانًا يكون المثقف مغردًا خارج السرب في عصره، ثم يُعاد اكتشافه في عصر مستقبلي، لأنه كان سابقًا لعصره.
(9) ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
لا أستطيع العيش دون حرية. لكن العزلة مهمة للكاتب وإلا لما أنجز أعماله كما يجب. لكنه، في نفس الوقت، يستلهم كتاباته من الحياة. لذلك فإن كانت العزلة اختيارية تصبح حرية والعكس صحيح.
(10) شخصية من الماضي ترغبين لقاءها ولماذا؟
الملكة المصرية “حتشبسوت”. أريد مرافقتها خلال أيام عملها. أستمع إليها وأدون ما تقول. أعرف منها كيف تشعر المرأة وهي على عرش أقدم حضارة عرفتها البشرية. وأسألها عن التحديات التي واجهتها وهي تؤسس لفترة حكم سادها السلام والازدهار. ويكون كتابًا ينقل لنا رؤية “حتشبسوت” نفسها لفترة حكمها ولبلدها.
(11) ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو اتيحت لك فرصة البدء من جديد؟
الاهتمام بنفسي أولا قبل الآخرين. وربما الالتزام بنظام أكثر صرامة في فترات ما من حياتي. لكن هذا السؤال صعب لأنك لن تعود إلى الوراء حاملًا معك مشعل الحكمة التي تعلمتها من خلال أخطائك.
(12) إلى ماذا تحتاج المرأة العربية لتصل الى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعنا الذكوري بامتياز إلى دهاء وحكمة بلقيس أم إلى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟
المرأة العربية تحتاج إلى تنويع وسائل المطالبة بحقوقها. لذلك فإن من المستحسن الجمع بين الحكمة والجرأة والتسلح بالمعرفة وقراءة التاريخ قراءةً تحرره من الهيمنة الأبوية. الخطوة الأولى برأيي تبدأ دائما بالتخلص من الأفكار المعادية للمرأة والمحتقرة لها، ثم تختار كل امرأة السبيل الذي تود سلكه للوصول إلى هدفها.
(13) ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
الاثنان. علينا ساعتها أن نجتهد ونملأ الفراغ ونجعل الذكريات طاقة متجددة للأمل والتقدم إلى الأمام.
(14) صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن روايتك “نساء المحروسة”، الفائزة بجائزة الرواية العربية في مسابقة ببلومانيا 2020. كيف كُتبت وفي أي ظرف؟
كتبت “نساء المحروسة” بين عالمين، الشرق والغرب. قضيت وقتًا طويلًا في كتابتها على مراحل. القصة نفسها معاصرة وقد طعمتها بمشاهد تاريخية قصيرة. كنت أريد من خلالها أن أؤرخ لبدء تمكن ما سُمي بالصحوة من مفاصل حياة النساء في مصر، وكيف انعكس ذلك على حياتهن وعملهن وعلاقاتهن داخل الأسرة وبين الأصدقاء من خلال قصص الثلاث شخصيات النسائية في الرواية.
(15) هل يعيش الوطن داخل المبدع المغترب أم يعيش هو بأحلامه داخل وطنه؟
الاثنان. المغترب يحمل وطنه داخله أينما حل. وقلبه يهفو إلى وطنه وهو يفكر دائما فيه ويتمنى أن يعبر عن حبه وامتنانه لهذا الوطن. كما يفعل د. “مجدي يعقوب” جراح القلب الذي أنشأ “مركز أسوان للقلب” لعلاج الأطفال بالمجان من خلال مؤسسته الخيرية والتي شارك في تأسيسها أيضا “أحمد زويل” الفائز بجائزة نوبل في العلم الذي أسسه، كيمياء الفيمتو، عام 1999. وذلك عرفانًا منهما لوطنهما الأم، مصر، رغم المكانة الفريدة التي وصلا إليها في المهجر.
(16) أجمل وأسوأ ذكرى في حياتك؟
من أجمل الذكريات ذكريات نشر روايتي “نساء المحروسة”. وأسوأ الذكريات هي ذكريات المرض، بعد الشر علينا وعلى جميع المتابعين.
(17) كلمة أخيرة أو شيء ترغبين في إضافته
أود أن أشكرك، أستاذ رضوان، على إتاحة هذه الفرصة الجميلة لي للتواصل مع قرائك الأعزاء.
نشرت المقابلة على موقعيّ آفاق حرة وأريفيو.نت
Facebook Comments