
إعداد:
د . محمد ابراهيم محمد– بوزارة السياحة والآثار المصرية
مقدمة
في ظل حرص القيادة السياسية على النهوض بالبلاد في كافة المجالات سواء الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاستفادة بكافة الموارد الطبيعية والحضارية والبشرية، ظهرت فكرة زيادة الوعي بأهمية هذه الموارد والاستفادة منها على الوجه الأمثل، مع التركيز على الموارد البشرية، حيث يعتبر الإنسان أساس الحضارة. ويأتي على رأس هذه الموارد الثقافية منها والحضارية، حيث تمتلك مصر إرثاً حضارياً كبير ساهمت فيه عوامل عدة منها وجود نهر النيل واستقرار الإنسان على ضفافه. والموقع الجغرافي المتميز لمصر جعل مصر من أقدم حضارات العالم القديم. إن الحضارة المصرية القديمة ترجع إلى أكثر من 7000 سنة، حيث قسم المؤرخون العصور المصرية القديمة إلى قسمين: عصور ما قبل التاريخ وهى العصور الحجرية حيث استقر الإنسان المصري القديم في الأودية بحثاً عن الماء، وكان يستخدم الأدوات الحجرية. وتأتي العصور التاريخية منذ اختراع الإنسان للكتابة ويرجعها معظم علماء المصريات إلى حوالي 3200 قبل الميلاد، وخلال تلك الفترة الزمنية الطويلة قدم لنا الإنسان المصري القديم إرثاً حضارياً كبيراً وجب على كل مواطن من أفراد المجتمع الحفاظ عليه ومعرفة قيمته الفنية والتاريخية، لذا وجب على المخلصين من أبناء هذا الوطن تبني فكرة زيادة وتعميق الوعي الأثري لدى كافة أفراد المجتمع المصري، ونشر الفكرة لتتخطى حدود الوطن إلى العالم الخارجي مستقبلاً إن شاء الله.
مقترحات ومحاور المشروع:-
يرتكز المشروع القومي لزيادة وتعميق الوعي بالحضارة المصرية القديمة على عدة ركائز فى البداية وهي:-
– اختيار الكوادر البشرية في كافة محافظات مصر لتكون هذه الكوادر هي نواة المشروع ثم تتسع تدريجياً.
التنسيق بين الوزارات المعنية بالأمر منها علي سبيل المثال( السياحة والآثار – التربية والتعليم- التعاون الدولي- الخارجية- التنمية المحلية ) ولا نغفل المحافظين والمسؤلين المحليين.
عمل قناة إعلامية لمتابعة المشروع وعمل اللقاءات الإعلامية والتقارير الميدانية وتغطية الاكتشافات الأثرية وأقترح عمل قناة تلفزيونية فضائية على غرار قناة ((National geographic العالمية.
ضرورة إعداد محتوي أو مادة أعلامية عن الأثار المصرية والإسلامية سواء باللغة العربية لعرضها فى القنوات المصرية الفضائية, ومادة إعلامية باللغة الإنجليزية لعرضها بالقنوات الفضائية العالمية.
ضرورة الإستفادة من كافة الكوادر العلمية سواء بوزارة السياحة والأثار أو الجامعة وتنظيم محاضرات وندوات سواء بقصور الثقافة بالمحافظات لإلقاء الضوء علي أثار وتاريخ كل محافظة علي حده والأجابة عن تسأؤلات عموم الناس عن الأثار المصرية وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدي العامة.
ضرورة تعظيم الإستفادة من التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الإجتماعي للوصول إلى القواعد العريضة بالمجتمع.
ضرورة عمل محتوى تعليمي يناسب كافة الفئات العمرية وهذا يتم بواسطة المختصين التربويين وعلماء الآثار.
التنسيق مع الهيئة الوطنية للإعلام أو وزارة الإعلام لعمل برامج بمواعيد ثابتة وفترة عرض مناسبة للمشاهد لتناول الموضوعات التاريخية والأثرية بقنوات التلفزيون المصري أو القنوات الفضائية.
الاهتمام بتناول بعض الأحداث التاريخية فى التاريخ المصري القديم وعمل مادة درامية أو سينمائية وطرحها على شركات الإنتاج لعمل أفلام ومسلسلات حيث يحتوي التاريخ المصري القديم على قصص وأحداث تصلح لتكون مادة مشوقة للتناول الدرامي والسينمائي.
ضرورة معالجة المفاهيم الخاطئة لدى العامة التي تتجه لفكرة الحفر والبحث عن الكنوز إلى الاهتمام بالآثار كثروة قومية تعود بالنفع على كل أفراد المجتمع المصري ( وأذكر في هذا الصدد علي سبيل المثال المسلسل الناجح للفنان صلاح السعدني في فترة التسعينات “حلم الجنوبي” والتى كانت تدور أحداثه حول العثور على بردية تحدد بدقة مكان مقبرة الإسكندر الأكبر بمدينة الإسكندرية وتحكى الدراما تمسك بطل المسلسل بمبادئه لمحاولة أن يتم الاكتشاف بواسطة الحكومة المصرية وعدم قبوله كل الإغراءات الأجنبية لنسب الكشف للأجانب واستماتته من أجل أن يتم هذا الكشف المهم لصالح مصر من أجل أن تدخل البلاد في تقدم في المجال السياحي والثقافي) هذا وقد لقي هذا المسلسل نسبة مشاهدة عالية فى تلك الفترة وكنت متابعاً لهذا المسلسل ولن أنساه أبداً. كما أن الأعمال السينمائية التى تناولت الآثار المصرية وهى نادرة أذكر منها فيلم “المومياء” للمبدع شادي عبد السلام حاز علي جوائز دولية ومن أهم أعمال السينما المصرية، لذا نحتاج بشدة لمثل هذه الأعمال التي تصحح المفاهيم الخاطئة التي انتشرت وأن يتم توجيه شغف عموم الناس بالمجتمع المصري بالبحث عن الكنوز وهذه حقيقة إلى مسار سليم صحي للمحافظة على الآثار المصرية، وهذه الأعمال الدرامية والسينمائية سوف تحقق نسبة مشاهدة عالية مما يؤدي إلى الإستفادة المشتركة منها.
ضرورة التنسيق مع وزارة السياحة والآثار لفتح المناطق الأثرية غير المفتوحة للزيارة بالتعاون مع المسؤليين المحليين فى كل محافظة.
عمل شراكة مع القطاع الخاص لإنشاء أكاديمية تعليمية لعلوم الآثار والحضارة يحصل الدارس على كورس مكثف فى الآثار والإرشاد السياحي وشهادة معتمدة من وزارة التعليم العالي.
عمل قاعدة بيانات لجميع الرسائل العلمية فى علوم الآثار والحضارة المصرية ومحاولة تبسيطها من خلال الباحثين لتلائم القاريء العادي.
عمل مؤتمر وملتقى دولي خاص بعلوم الآثار والحضارة المصرية مع التغطية الإعلامية للمؤتمر محلياً ودولياً.
تشكيل لجنة قانونية وأثرية لمراجعة جميع قوانين حماية الآثار وإعداد توصيات مقترحة تواكب العصر لعرضها على مجلس النواب لإقرارها.
ضررة إعداد كتاب متخصص يتناول آثار كل محافظة على حدة وعرضه فى جميع المعارض وعلى المواقع الإلكترونية.
الأليات المقترحة للمشروع:
عمل هيكل تنظيمي للمشروع على مستوى الجمهورية وهذا يتم من خلال التنسيق مع وزارة السياحة والآثار لصدور القرارات والأوامر الإدارية لمن هم يعملون بالوزارة حتى لا يتعارض العمل بالمشرع مع وظائفهم الأساسية بالوزارة.
يتضمن هذا الهيكل التنظيمى اختيار منسق عام لمنطقة مصر العليا ومنسق عام لمنطقة مصر الوسطى ومنسق عام لمنطقة القاهرة والجيزة ومنسق عام لمنطقة الدلتا ومنسق عام لمنطقة سيناء ومدن القناة، ثم اختيار منسق عام من كل محافظة يقوم بدوره بتشكيل فريق العمل الذي يتضمن على سبيل المثال مختصين لوضع المادة العلمية ومحاضرين لإقامة ندوات ومحاضرات بالجامعات والمدارس وقصور الثقافة، ومسؤول علاقات عامة للتعامل مع دواوين عموم المحافظات للتنسيق المستمر في هذا الصدد.
اختيار مستشار إعلامي من كل محافظة ويُفضل أن يكون من المختصين وصاحب حضور لدى المشاهد، وذلك لطرح أفكار المشروع فى القنوات المختلفة أو فى قناة المشروع ذاتها، وأذكر في هذا الصد د. زاهي حواس الذى استطاع بحضوره أن يترك بصمة واضحة لدي المشاهد.
فتح المجال لبعض الكيانات الصغيرة التى تعمل فى مجال الوعي الأثري مثل إدارات الوعي الأثري بالمحافظات للاندماج في هذا الكيان.
توفير الإمكانيات والموارد اللازمة لمثل هذه الأنشطة لضمان استمرارية المشروع.
تبني الدولة ابتداء من رئاسة الجمهورية والوزارات المختلفة للمشروع واعتباره مشروعاً قومياً للبلاد لتغيير ثقافة المجتمع للاهتمام بالثقافة عموما والآثار على وجه الخصوص لضمان استمراية المشروع ليتحول المشروع تدريجياً إلى مشروع ثقافي قومي للمجتمع المصري
د: محمد إبراهيم محمد
متخصص الآثار المصرية بوزارة السياحة والأثار
Facebook Comments