
لا يصعب تلخيص حصاد عام 2020 بأنه لم يكن عاما سهلا. واجهت فيه صعوبات كثيرة، ومررت بنفس التغييرات في أسلوب العمل والحياة التي مر بها سكان الكوكب نتيجة ظروف العزل والتباعد الاجتماعي. لكن لم يكن التأقلم صعبا. وأود هنا أن أتأمل في مشواري الأدبي خلال ذلك العام، متمنية للبشرية جمعاء الخير والعدل والسعادة في العام الجديد.
النشر
حمل لي عام 2020 إنطلاقة جيدة لمشواري الأدبي. لن أقول إنه مشوار متأخر وإلا فإنني أنفي حياتي بالكامل. لدي مخزون إبداعي لم ير النور بعد. فأنا أكتب منذ كنت يافعة. ولدي تجربة مبكرة متواضعة في النشر لم أواصلها لأنني سلكت دروبا أخرى استلزمت أن أرجيء حلمي بالنشر إلى وقت لاحق.
كان عام 2020 عاما مميزا بالنسبة إلىّ ككاتبة، لأنني قررت خوض غمار النشر بجدية. بعد أن قضيت وقتا قبلها أتلمس الخطى وأقرأ وأشاهد وأحاول تعلم مفردات مشهد النشر باللغة العربية.
ثم بحثت في أدراجي عن روايات مكتملة ووقع اختياري على رواية كنت قد كتبتها على مرحلتين تقريبا. وبحلول منتصف العام كنت قد قررت التقدم بروايتي في مسابقات النشر. فاتني وقت التقدم في المسابقة الأولى التي وقع عليها اختياري بسبب فرق التوقيت. وفزت، والحمد لله، في الثانية، وهي مسابقة الرواية العربية التي عقدتها دار ببلومانيا للنشر والتوزيع، بالمركز الثاني مع روايتين أخريين. وبهذا سترى روايتي نساء المحروسة النور بإذن الله في 2021.
استغرق مني تنقيح هذه الرواية وقتا مركزا هذا العام. واكتشفت وأنا أنفض عنها غبار الزمن أن الكتابة فعل معقد للغاية وخاصة الكتابة الروائية الخيالية. فهي اتحاد نشاط عقلي وفكري ووجداني في لحظة ما ومكان ما. وهو اتحاد فريد من نوعه. لا يمكن استعادته في لحظة أخرى ومكان آخر. ومن هنا تأتي الحرفة. الكتابة بالنسبة لي قبل 2020 كانت هواية محببة وطريقة تعبير ومشروع مستقبلي. من عشر سنوات كنت أقول عندما أنتهي من مشاغل الحياة وواجباتها سأفعل ما أحب. سأكتب وأتواصل مع قرائي. لكنني راجعت هذا القرار رويدا رويدا. لم يكن قرار النشر وليد 2020 لكن القفزة حدثت في هذا العام. وأنا ممتنة وشاكرة لكل من وما ساهم في دفعي إلى الأمام لتنفيذ هذا القرار.
أيضا فعّلت قناة على يوتيوب وبودكاست للتواصل صوتيا مع القراء والأصدقاء. وهذا التواصل مهم جدا لأي كاتب وأنا لا أعتبر أن نشري لكتبي يكتمل بدون قاريء. فالقاريء أحد أضلاع مثلث النص. وهو يمنح النص بعده الثالث وأهميته الفكرية.
أؤمن أن الكتب خالدة. لا يهم فورماتها ورقي أم على شاشة. وقد نشرت مجموعتي القصصية “أجنحة متكسرة” على منصات إلكترونية العام الماضي. كما طبعت منها نسخا محدودة للتوزيع على مكتبات عامة محلية. كان هدفي البسيط هو خوض التجربة وجمع قصصي المنشورة في مطبوعات متفرقة أغلبها ليس له أرشيف على الانترنت، وتحسس موقعي، على تواضعه، في المشهد الأدبي.
الكتابة بالعامية
أنا عاشقة للغة العربية بثرائها الذي لم يقدره أبناؤها حق قدره بعد. فجزء من ثراء تلك اللغة يكمن في أن متحدثيها يعيشون في بلاد عديدة. ورغم كل التمزق ومحاولات الإجهاز على تلك اللغة الجميلة إلا أنها ما زالت صامدة وتنمو وتتطور.
أنا لا أرى مستقبل العربية منحصرا في فصاحتها فقط بل يمتد إلى لهجاتها أيضا. كتابتي بالعامية لم تبدأ فقط في 2020 بل هي تعود إلى أكثر من سبع سنوات ويمكنك أن تقرأ هنا عن تجربتي في هذا الصدد.
لم أجد بعد سوقا للنثر باللغوة المصري كما الحال في شعر العامية أو الزجل. لكنني أنهيت رواية بها. بطلة الرواية هي من فرضت هذا الصوت. ما كان لي أن أجبرها على رواية قصتها بالفصحى. الكتابة بالعامية تجربة رائعة بالنسبة لي. بدأت معي كمحاولة للتعبير عن أفكار لم أرد أن أحكيها بالفصحى. كما أنني جربت الكتابة من وجهات نظر مختلفة بعدة رواة قد يحكي أحدهما بالعامية.
وتتصدر روايتي هذه قائمة ما أتمنى إخراجه إلى النور من أعمالي في 2021 بإذن الله.
القصص القصيرة
بدايات كتاباتي كانت قصصا قصيرة. كنت أقول وقتها معنديش نفس طويل للرواية ثم أتت الرواية عندما كتبت قصة قصيرة وطالت وتشعبت وتضافرت شخصياتها وأحداثها في مزيج خاص استلزم ذلك النفس الطويل.
لكن القصة القصيرة ما زالت عشقي الخاص. فهي تحمل ملمحا مكثفا مركزا وأنا أحب قراءتها كما كتابتها. هذا العام انتجت عددا أقل مما اعتدته لأن تركيزي كان منصبا على الرواية.
وقد بدأت بالبحث عن منافذ لقصتين من قصصي القصيرة ووفقني الله في نشر واحدة منها في مجلة ميريت الثقافية. وهي مجلة، في رأيي، تعيد أمجاد المشهد الثقافي الفاعل في مصر.
لدي حاليا مجموعتان قصصيتان أتمنى أن تريا النور في 2021 سواء كمجموعة أو كقصص منشورة في مجلات أدبية.
ما تعلمته في 2020
تعلمت أنني أكثر صلابة مما كنت أظن. تعلمت ألا أركن إلى راحة مطلقة أو ثقة مطلقة. آمنت بأن طريقنا هو ما نعبده بأنفسنا. وأن علينا مواجهة كل ما تأتي به الحياة دون أن نحرف بوصلتنا وأن نستعين بالإيمان في كل وقت.
وكل عام وأنتم بخير. سنة سعيدة 2021 على الجميع.
يمكنك الاستماع إلى البودكاست الذي سجلته عن نفس الموضوع.
Facebook Comments